الدكتور غسان حداد – مع العدالة

مجرمون / الدكتور غسان حداد

مع العدالة - الدكتور غسان حداد

الدكتور غسان حداد

موقع الخدمة الحالي:

مدير مشفى الشهيد يوسف العظمة (المشفى 601 العسكري)
ويعرف أيضاً باسم مشفى المزة العسكري

مواقع الخدمة السابقة:

1- مدير مشفى 601 العسكري

 

 

 

 

 

بعد تخرج أي طبيب في سوريا يقسم قسم الطبيب،وهو ما قام به الدكتور العميد غسان حداد مدير مشفى 601 العسكري، لكنه حنث في يمينه…

وهو أمر ليس مستغرباً في حقه، فهو صهر اللواء المتقاعد علي حيدر قائد الوحدات الخاصة (سابقاً) والذي ساهم في عمليات الإبادة الجماعية بحماة وجسر الشغور وحلب وحمص خلال الفترة 1979-1982.

ويُعتبر العميد غسان حداد أحد أبرز المشاركين في الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها قوات النظام والميلشيات الحليفة، حيث ساهم هو وكادره الطبي (الذي ينتمي أغلبهم للطائفة العلوية) في تحويل المشفى (601) العسكري إلى مسلخ بشري، وساعده في ذلك: العقيد الطبيب طه الأسعد، والعقيد حسين ملوك، والمساعد محمد ديوب، حيث أشرفوا على تعذيب وتصفية الجرحى من النشطاء والمتظاهرين السلميين الذين تم إسعافهم في المشفى المذكور.

كما أشرف العميد غسان وفريقه على إحالة من من نجا من النشطاء إلى أفرع الأمن لتعذيبهم وتصفيتهم، وتمثل دوره الأساسي في التغطية على جرائم الأفرع الأمنية بحق أبناء الشعب السوري عبر تزوير أسباب الوفاة من: “قتل تحت التعذيب” إلى: “توقف القلب” وظهر ذلك جلياً في شهادات الوفاة التي بدأت قوات النظام بإرسالها عبر دوائر النفوس لكافة المحافظات السورية في منتصف 2018.

ومن خلال المشفى (601) الذي يطلق عليه كذلك اسم “مشفى المزة العسكري”؛ مارس الدكتور العميد غسان حداد جرائم عديدة تم توثيق الكثير منها عبر مقابلات فيديو،[1] أو عبر شهادات مكتوبة لأشخاص بعضهم منشقين وبعضهم من المعتقلين التي كتبت لهم النجاة من هذا المشفى.

ووفقاً لشهادة أحد المنشقين عن مشفى 601 العسكري والذي لقب نفسه بأبو صخر فإن: “الشبيحة كانوا يأتون بالمعتقلين من الفروع المختلفة، وكانت حالة أغلبهم مزرية، والمعتقلين كانوا في البداية ولمدة سنة يوضعون في المشفى الجديد الخاص بالمرضى، إذ تم تخصيص غرفتين في كل طابق للاعتقال، وبعد ذلك قرروا نقل الموقوفين إلى ما يسمى بقسم الرضوض في البناء القديم، وكشف أن الأطباء والممرضين والمجندين وعمال النظافة كانوا يتعاونون على تعذيبهم بشكل متواصل، ومهمة الممرضين آنذاك بالنسبة للتعامل مع الموقوفين بالإضافة للتعذيب هو نقل المتوفين منهم للبراد، وكان يمنع عليهم إعطاء هؤلاء الموقوفين دواء أو طعاماً أو شراباً في المناوبة الواحدة التي تمتد عادة 8 ساعات”.

وكشف أبو صخر في شهادته أن: “الممرضين بقسم التمريض كانوا ينقلون ما يقارب 30 جثة، وأنهم كانوا في حالة نقل مستمرة لمن يموت من هؤلاء الموقوفين”، مؤكداً: ” لا نأخذ جثة إلى البراد ونعود إلا ويكون قد توفى شخص آخر… كان الموقوفون يأتون إلى المشفى أحياء ويموتون تحت التعذيب”، مضيفاً أن 90 % من هؤلاء كانوا يموتون لأسباب عدة أولها الفشل الكلوي الناتج عن ضرب الموقوف على منطقة الكلى مما يسبب فشلاً وظيفياً في عملها وبالتالي عدم قدرة الجسم على تصريف السموم.

وكشف “أبو صخر” عن وجود نفق في المشفى 601 كان يصل بين البناء الجديد والبناء المستحدث فيه، حيث توجد برادات حفظ الجثث تحت الأرض، وعن طريق هذا النفق كانت تنقل هذه الجثث، والموقوف منذ دخوله المشفى إلى أن يموت يظل عارياً تماماً، ومربوط اليدين والرجلين بسلاسل إلى السرير، وعيناه معصوبتان…[2] كان المعتقلون يُودعُون في غرف ضمن الطابق الثالث والرابع والخامس. مما يعني أن هناك ما لا يقل عن 150 إلى 200 جثة في اليوم”.

وفي شهادة أخرى؛ يقول “محمود الناصر” أحد الناجين من مشفى 601 العسكري بعد أن تم أسره:[3] “في سيارة الاعتقال بدأت جولة جديدة من التعذيب ضرباً وشتماً حتى وصلنا إلى قسم الإسعاف في المشفى 601، ومن قسم الإسعاف وضعت على كرسي متحرك إلى غرفة كانت كما تبدو هادئة لكنها مليئة بالموقوفين المصابين، وهناك قيدوا يدي اليسرى وقدمي اليمنى بالجنزير إلى جانب معتقل آخر على سرير لا يتجاوز عرضه 80 سم، وفي اليوم الأول أصيب جسدي بالتورم وانغلقت عيناي ولم أعِ ما حولي… وفي اليوم التالي جاء رئيس المفرزة الخاصة بالمعتقلين وانهال علي ضرباً بعصاً على رأسي لأني كنت أتكلم مع الطبيب وعندها تعلمت أول درس، ممنوع التكلم مع الطبيب… بقيت في تلك الغرفة قرابة أسبوع أرفض تناول الطعام لعلي أموت، وبعد ذلك بدأت أتلمس الطعام، كان عبارة عن وجبة لشخصين لا تكفي لشخص واحد وكان علي أن أطعم جاري لأنه مصاب بيديه… كان صراخ الشبيحة من عناصر أمن، وأطباء وممرضين وموزعي طعام وعمال نظافة يكسر هدوء الغرفة إذ كانوا ينهالون بالشتم والضرب على جراحنا دون أن يصدر منا صراخ أو أنين لأن ذلك سوف يستفز الشبيحة ويضربوننا أكثر، وقام أحدهم بكسر سبابتي اليسرى ظناً منه أنها اليمنى وأني أطلقت النار بها”.

وبعد فترة تم نقل المعتقلين ومنهم محمود إلى مشفى الضمادات، وتم توزيعهم مجنزرين على الأسرّة، فكان سريره بجانب النافذة، حيث كان يسمع أصوات تعذيب في المهاجع الأخرى، مؤكداً أنه كان يتعرض بشكل يومي مع رفاقه لتعذيب بواسطة بوري حديد كان يسبب كسوراً في العظام وتموتاً في الجلد، ويأتي بعدها جنزير الحديد الذي كان يطوى ويتم ضرب المعتقلين به، وتبدء طقوس التعذيب في المشفى بإدخال المعتقلين إلى ممر طويل وإجبارهم كي يستلقوا على الأرض، ثم يجتمع عليهم الشبيحة ويبدؤون حفلة التعذيب التي تتراوح مدتها حسب الأوضاع السياسة والعسكرية خارج المعتقل ويسمون هذا الطقس “الضيافة”، حيث كان الشبيحة يأتون بمن بقي حياً منهم ويوثقونه بالسلاسل الحديدية على السرير مضيفين إلى إصابته -التي قد تكون بسيطة- إما كسوراً أو فشلاً كلوياً أو عيناً مفقوءة أو صدمة نفسية تجعله يفقد الإحساس بمحيطه، وهذه الإصابات تحول دون إعادته إلى فرع التحقيق، بل تقوده إلى الموت شبه المحتوم”.

ويؤكد “محمود” أن حفلات التعذيب لا ترتبط بفترة زمنية معينة من الليل أو النهار، إذ يحصل أن يأتي الجلادون إلى القاعة، فيختارون معتقلاً ما، ويفكّون قيوده ويسحبونه إلى ممر المشفى ليكون تسلية لهم في الليل يضربونه بشتى الوسائل حتى الموت، مشيراً إلى أن: “غالبية المعتقلين كانوا من الشباب مع قليل من الأطفال دون سن 15، وعدد لا بأس به من الشيوخ فوق سن 80، أما من يموتون منهم فيتم تكديسهم في مراحيض المشفى ريثما تأتي سيارة لتأخذهم إلى حيث يتم دفنهم”.

وأكد شخص اختار اسم “سليمان” اسماً مستعاراً له أن قصة تحول المشفى إلى “مسلخ” بدأت إبان اندلاع الاحتجاجات السلمية في منتصف آذار 2011، حيث حصل استنفار أمني شديد في المشفى على خلفية ورود أكثر من 45 جثة تعود لمتظاهرين “سلميين” قتلوا برصاص الجيش والأمن وميليشيا الشبيحة، فتم وضع بعض الجثث في برادات المشفى فيما بقيت عشرات الجثث مرمية في إحدى الغرف بسبب عدم استيعاب البرادات لهذه الأعداد، ليتم ترحيلهم بعد ذلك إلى مكان مجهول، وبعد ذلك بدأت أفواج الجرحى من المتظاهرين تزداد وغص المشفى بالمئات منهم، مما اضطر إدارة المشفى لتحويل أحد اقسام المبنى القديم في “601” إلى سجن، حيث تم تجهيز “قسم الرضوض”، الذي كان مهجوراً بسبب نقله إلى المبنى الجديد. وقامت إدارة المشفى بتسييج القسم وتقسيمه إلى عدة زنزانات بحيث يكون لكل فرع أمن زنزانة خاصة بموقوفيه الجرحى.

ويضيف “سليمان” أن إدارة المشفى كانت تضع كل جريحين في سرير واحد، يتم تقييدهما على السرير سوياً، ويتلقى الجرحى معاملة سيئة من قبل الكادر الطبي، إضافة إلى قيام عمال النظافة الذين ينتمون لشركة تنظيف “خاصة” تابعة لابن خال الأسد “رامي مخلوف” بضرب الجرحى وإهانتهم.

ويروي “سليمان” كيف يتم التعامل مع الجرحى الذين فارقوا الحياة داخل “قسم الرضوض” نتيجة سوء الرعاية الطبية، إلى جانب الجثث التي تصل إلى المشفى من كافة الأفرع الأمنية في دمشق، حيث يتم تجميعها وتكديسها في رحبة الباصات التي تقع داخل مشفى “601”، إلى أن يقوم الطبيب الشرعي بالكشف عليها وتسجيل تقرير طبي يؤكد أن صاحب الجثة قد فارق الحياة نتيجة جلطة دماغية، أو احتشاء، أو سكتة قلبية، متجاهلاً آثار التعذيب الواضحة على جسد المتوفي. ويردف “سليمان”: “يقوم الطبيب بعد ذلك بكتابة رقم الجثة على جبين المتوفي أو صدره، وتحته رقم الفرع الذي توفي فيه،[4] ويعد تقريره معتمداً على بيانات الشخص المسلّمة مع الجثة من قبل الفرع الذي جاء منه، بحيث يُذكر في التقرير الاسم الثلاثي للمتوفي وكامل المعلومات عنه، ليقدمها بعد ذلك للمقدم “شادي رزق زودة” الضابط المسؤول عن إحصاء أسماء القتلى، والذي يقوم بدوره بترحيلها عبر كمبيوتر موجود ضمن مكتبه داخل المشفى وأرشفتها إلكترونياً… ثم تقوم إدارة المشفى بالتنسيق مع مخابرات النظام لترحيل جثث الأشخاص الذين يموتون داخل المشفى، وآخرين يتم جلبهم إليه من الأفرع الأمنية بعد أن فارقوا الحياة نتيجة التعذيب الشديد من خلال نقلها بواسطة سيارة شحن صغير مغلقة، بعدها يقوم عناصر المشفى المجندون بتغليف الجثث بأكياس نايلون شفافة، وتحميلها داخل السيارة وتكديسها مثل أعواد الثقاب… ولا تستعدى سيارة المخابرات إلا في حال بلغ عدد الجثث قرابة الثلاثمائة جثة، لافتاً الى أن السيارة كانت تأتي كل يومين، وبالتالي يصل عدد الأشخاص الذين يموتون يومياً داخل الأفرع الأمنية في دمشق وحدها إلى 150 شخصاً”.

جدير بالذكر أن ما يقع في المشفى 601 العسكري، يقع كذلك في مستشفيات أخرى تابعة للنظام مثل مشفى تشرين العسكري، حيث تحدث تقرير القناة الرابعة الإنكليزية[5] والذي تم بثه في بداية شهر آب من عام 2018، عن وثائق تعرضت للحديث عن الوفيات داخل المشفى 601 العسكري، والتي تم تصنيفها على أنها “سكتات قلبية” لكن الحقيقة هي عكس ذلك، حيث كانت أغلب الوفيات ناتجة عن التعذيب الجسدي والنفسي إما في المعتقلات أو على أسرة المشفى 601 العسكري والذي يديره الدكتور العميد غسان حداد الذي شابه بشار الأسد في مهنتي الطبابة وقتل البشر في آن واحد.

 

[1] مقابلة مع معتقل سابق وشهادته حول مشفى 601 العسكري: https://youtu.be/mvLMh7meYfY

[2] مقطع فيديو مسرب من داخل المشفى 601 العسكري: https://youtu.be/JlaxlF1LgHQ

[3] أصيب محمود خلال معركة مع قوات النظام وبعد أسره تم نقله للمشفى 601 العسكري.

[4] وهو ما تم اثباته لاحقاً من خلال صور “قيصر”

[5]  تقرير القناة الرابعة الإنكليزية (لمشاهدة الوثيقة انتقل للدقيقة 7:29) https://youtu.be/4jJBtFrTqcg